في اليوم العالميّ للبيئة... إرث البابا فرنسيس حيّ في معركة المناخ

البابا الراحل فرنسيس البابا الراحل فرنسيس | مصدر الصورة: فاتيكان ميديا

في اليوم العالمي للبيئة، يعود اسم البابا فرنسيس إلى الواجهة بصفته إرثًا حيًّا غيَّر نظرة العالم إلى الخليقة. «البابا الأخضر»، كما لقّبه كثيرون، رحل عن هذا العالم، لكنّ صدى صوته لا يزال حاضرًا في كلّ نداء لحماية الأرض.

من خلال رسائله الكنسية التي شكّلت ملامح إرثه البيئي، وعلى رأسها «كن مسبّحًا»، قدّم فرنسيس رؤيةً تتجاوز الإرشاد الرعوي إلى مشروعٍ روحي وأخلاقي يدعو إلى مصالحة الإنسان مع الأرض، وإلى نمط حياة جديد يقوم على العدل والاحترام.

كانت أولى الخطوات الكبرى للحبر الأعظم الراحل في مجال البيئة سريعة وواضحة: اختار أن يحمل اسم فرنسيس، تيمّنًا بالقديس فرنسيس الأسيزي، رمز المحبّة الشاملة لكلّ الخليقة، والذي رأى في الطبيعة مرآةً تعكس حضور الله. ومن هذا الاسم بدأت تتكوّن ملامح مشروع بيئي لاهوتي غير مسبوق.

البابا الراحل فرنسيس. مصدر الصورة: دانييل إيبانيز/آسي مينا
البابا الراحل فرنسيس. مصدر الصورة: دانييل إيبانيز/آسي مينا

في العام 2015، أصدر رسالته العامة الأولى «كن مسبّحًا»، مقتبِسًا عنوانها من ترنيمة للقديس فرنسيس نفسه. كانت الرسالة إعلانًا بيئيًّا واضحًا: لا مكان لإنكار تغيّر المناخ، ولا مفرّ من المواجهة. وقد جاءت في توقيت مفصلي، قبل أشهر قليلة من انعقاد قمة باريس للمناخ، فأثّرت في الخطاب العالمي وحرّكت الرأي العام.

في الرسالة بدأ البابا بتوصيف واقع الأرض: تلوّث، تغيّر مناخي، ندرة مياه، وفقدان التنوّع البيولوجي. ثم استند إلى الكتاب المقدّس ليؤكّد أنّ الخليقة ليست مُلكًا للإنسان بل عطية مشتركة يجب صونها. وينتقد الفصل الثالث النزعة التكنولوجية ونمط الاستهلاك الجشع، ويضع البيئة المتكاملة حلًّا يربط بين الإنسان والطبيعة والمجتمع. وفي الفصل الخامس، يدعو إلى تحرّك سياسي دولي ومحلي، قائم على العدالة والمسؤولية. ويختم الرسالة بدعوة إلى تحوّل داخلي يقود إلى نمط حياة بسيط، متوازن، يعبّر عن حبّ حقيقي للخليقة.

وبعد نحو ثماني سنوات، عاد البابا فرنسيس عبر الإرشاد الرسولي «سبّحوا الربّ» ليحدِّث تلك الرؤية، ويوجّه نقدًا صريحًا إلى الحكومات بسبب التباطؤ في تبنّي مصادر الطاقة المتجددة بدلًا من الوقود الأحفوري.

وفي سيرته الذاتية التي صدرت مطلع العام 2024، أعاد تأكيد وصف ما يجري بـ«حالة طوارئ مناخية»: «بيتنا المشترك يطلب منا أنّ نتوقّف عن نمط حياتنا الذي يدفع الكوكب أبعد من حدوده، ويتسبّب في تآكل التربة، واختفاء الأراضي الزراعية، والتصحّر...».

في الأمس، استقبلت السماء البابا الأخضر، لكنّ الأرض ما زالت في حاجة إلى صوته إذ زرع في الكنيسة ضميرًا بيئيًّا في كوكب يُحتضر.

رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته