«جميعنا مدعوّون إليه»... تأمُّل في الكهنوت

المطران ثابت في رتبة رسامة الكاهن وميض خالد المطران ثابت في رتبة رسامة الكاهن وميض خالد | مصدر الصورة: صفحة خورنة مار كوركيس-تللسقف

تعيش الكنيسة عَنصرةً جديدة كلّما احتفلت برسامة كهنوتيّة، إذ يحلّ الروح القدّوس على مَن اختاره الربّ ليُكرّسه كاهنًا كي يخدم كنيسته المقدّسة. وتدعونا مناسبة كهذه إلى معرفة الكهنوت على نحوٍ أفضل وأعمق وأشمل، وفق ما نقرأ في طقس رسامة الكاهن بحسب كنيستنا العريقة: «تعالوا نقترب من الكهنوت، مِلح الأرض».

يوضح راعي أبرشيّة ألقوش الكلدانيّة، المطران بولس ثابت، في حديثه لـ«آسي مينا»، كيف يكتشف المُعمّدون، باقترابهم من الكهنوت، أنّهم جميعًا مدعوّون إليه، وأنّ لكلِّ واحدٍ منّهم كهنوته، «فنحن شعبٌ كهنوتيّ، كما يقول بطرس الرسول في رسالته الأولى».

ويُضيف: «لطالما عنى الكهنوت الوساطة ما بين الله والبشر. أمّا نحن فنؤمن بأن "اللهَ واحِد، والوَسيطَ بَينَ اللهِ والنَّاسِ واحِد، وهو إِنْسان، أَيِ المسيحُ يسوعُ" (1 طيمثاوس 2: 5). لذا، فالمقصود بأنّنا كهنةٌ هو أنّ المسيح موجودٌ فينا، فما نحن نحيا بعد، بل المسيح يحيا فينا».

بصفتنا شعب كهنةٍ، نُقدّم المسيح للعالم من خلال مثالنا وحياتنا والتزامنا. «ولأنّ المسيح يُواصل الكشف عن ذاته ومنحها للإنسان دومًا، فقد أقام الكهنوت الخاصّ، أو سرّ الكهنوت، كي يتواصل وجوده معنا من خلال شخصٍ اختاره وميّزه وأفرَزَه من الجماعة»، بحسب ثابت.

يعيش كلّ مسيحيّ كهنوته الجماعيّ منذ عماده، ثمّ يفرِز الربّ مُختارين ينالون درجة الكهنوت الخاصّ، لا ليُصبحَ الكاهن أعلى درجةً من إخوته، بل ليخدِم الجماعة ويَعضُدَها لتستطيع بدورها أن تعيش كهنوتها.

في هذا الصدد، يقول ثابت: «الكاهن خادمٌ على صورة المسيح الذي لم يَحسَب مساواته لله غنيمة، بل تنازَلَ، رغم عَظَمته، لأجل خلاص الإنسان. وكذلك الكاهن، رغم عظمةِ درجتِه، لكنّها عَظَمة بلا معنى إذا تصوَّرَ صاحبُها أنّها ترفعه ليكون أفضل من مخدوميه».

وعلى مثال الربّ يكون الكاهن أيضًا. فهو لا يُمثّل دور المسيح عندما يقول كلمات التقديس، بل يَتّحدُ مع المسيح وَيَعي أنّ حياته بكلّ تفاصيلها - شخصه وسلوكه ووقته وصعوبات حياته وأزماته - هي كلّها لأجل مخدوميه. فكلّما كان الكاهن صادقًا مع ذاته وأمينًا لدعوته، استطاع أن يجعل جماعتَه أمينةً وصادقة.

ويختِم ثابت: «نحن الكهنة مدعوّون لأن نَهَبَ شخصنا ونخصّصَ حياتنا لتكون أداةً للمسيح وإناءً يَسكُب عبرَه حياته. ستكون محاولتنا فصلَ شخصنا وكهنوتنا عن المسيح مجازفةً خطرة وخاطئة إذا حاولنا بثَّ فكرنا الخاصّ مُخْمِدين تلك الحرارة المتبقيّة في مؤمنينا، "7لأَنَّ شَفَتَيِ الكاهِنِ تَحفَظانِ المَعرِفَة، ومِن فَمِه يَطلُبونَ التَّعْليم، إِذ هو رَسولُ رَبِّ القُوَّات" (ملاخي 2: 7)».

جميعنا مدعوّون لنتأمّلَ في رسالتنا الكهنوتيّة، الجماعيّة والخاصّة، ونفتكِرَ في مسؤوليّتنا ونمارسَها بحسب إرادة الربّ.

رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته